تقرير/ عواطف عزالدين جبرا

 الخرطوم 6-5-2019م (سونا)- يمارس المواطنون في شهر رمضان الفضيل طقوسهم الخاصة  في مختلف الدول العربية لا سيما في المأكل والمشرب، وكل منا يتفاخر بتقاليده الخاصة به، والسودان به طقوس خاصة في المشروبات من بينها مشروب الحلومر (الآبري الأحمر)، وهو مشروب سودانيّ رمضانيّ بامتياز لا يضاهيه مشروب آخر على المائدة الرمضانية.

ويعرف هذا المشروب العريق (بالآبري الأحمر)، فالشربة منه لا تظميء الصائم طوال نهاره، ويتكون من الذرة (المُزرعة) وكميات من التوابل وبعض المواد الطبيعية.

ويعتبر الحلومر جزءاً من الموروثات الثقافية للأمة السودانية.

ويتم تحضيره من الذرة بعد غسلها وتركها في الماء لتنقع وتفرش في مكان رطب ليصبح (ذرة نابتة)، يبدأ التحضير قبل شهر أو شهرين من حلول شهررمضان، وتغطى الذرة  بالخيش وترش بالماء لعدة أيام حتى تنبت ويخرج منها الزرع وتسمى هذه العملية محلياً (بالزريعة) وتقص رؤوس الزرع بعد ذلك وترمى، بينما تؤخذ الذرة النابتة وتجفف وتطحن وتطبخ في النار في شكل (عصيدة) وتترك لتخمر لمدة يومين أو ثلاثة أيام وتضاف لها بعض  التوابل منها الشمار، وعود الغرنجال (عبارة عن عرق أحمر اللون له نكهة جميلة وطعم مميز) والكمون والحلبة والكركدي والعرديب والحبهان والقرفة بمقدار يحدد بحسب كمية الطحين، وبعد ذلك يأتي دور (العواسة)، حيث تشكل العجينة في شكل أقراص إما مستطيلة أو مربعة أو شكل كتل مستديرة في صاج على نار قوية ليتم نضجها بالصورة المطلوبة، ويترك ليبرد ويجفف ويحفظ وعند استقبال الشهر المبارك يبل بالماء وينقع الآبري ويصفى ويحلى بالسكر ويشرب بارداً ويسمى هذا المحلول بـ(الحلو مر).

ويحظى (الحلو مر) باهتمام أكثر من غيره من المشروبات الرمضانية في السودان منذ قديم الزمان، فضرورات الشهر الفضيل جعلته يتربع على عرش قلوب السودانيين منذ عقود، بل بات رمزاً سودانياً خالصاً يزين بحضوره مائدة رمضان.

و(الحلو مر) مشروب سوداني شعبي تقليدي متوارث عبر الأجيال في السودان، وجد منذ قديم الزمان ليبين لنا عظمة وقدرة المرأة السودانية في ابتكاراتها وصناعة الدهشة وبات التاريخ حافلاً بكثير من الاشراقات.

 ويعد المشروب الأول في السودان من بين المشروبات الأخرى، ونجده يتربع في المركز الأول دائماً في كل أنحاء السودان ويعتبر العصير الأساسي والمتعارف عليه، يشرب في شهر رمضان بلونه الأحمر حلو المذاق ولونه مستمد من الفتريتة عند طحنها حيث تعطي اللون الأحمر المميز، ويعرف (الحلو مر) بهذا الاسم لتفرده عن جميع مشروبات العالم الباردة والساخنة معا بجمعه الطعم الحلو والمر في مشروب واحد ،وهو مشروب يحكي عن خلاصة الإبداع وإذا كان شهر الصوم مميز عن كل شهور العام، فإن (الحلو مر) مميز من بين العصائر كصناعة طبيعية خالية من الإضافات الصناعية يروي عطش الصائم.

أول من قام بصنع هذا المشروب ولاية النيل الأزرق عام 1933 وولاية نهر النيل في منطقة بربر، ورغم اختفاء العديد من العادات والتقاليد الراسخة في السودان نتيجة للمتغيرات العصرية المتلاحقة ودور العولمة، إلا أن المائدة الرمضانية ما زالت تكافح لتحافظ على سماتها العامة التقليدية بأكلات ومشروبات شعبية أصبحت متوارثة عبر الأزمان مثل (الحلو مر) ملك هذه المائدة كما يحلو للسودانيين تسميته، حيث أن إعداده يمر بطقوس فريدة ويبدأ التحضير له قبل شهور من شهر رمضان المبارك.

 ويتمتع مشروب (الحلو مر) بفوائد عظيمة، إذ إنه يمد الجسم بالطاقة كما نال هذا المشروب الكثير من الرضا العالمي بعد أن تناوله سكان الدول المختلفة واعترفوا بمذاقه الرائع، حيث تم الاعتراف به كإبداع سودانيّ مميز تميزه عبارة (صنع في السودان).

وقالت لـ(سونا) الحاجة عفاف محمد عبد الله صانعة وبائعة للحلومر إن الآبري أو (الحلو مر) مشروب سوداني أصيل محبب لدى الجميع نقوم بعواسته منذ خمسة عشرة سنة، معبرة عن سعادتها بهذه الصنعة الجميلة التي" تبدأ بالزريعة قبل شهر رمضان بثلاثة أشهر وبعدها نقوم بـ(العواسة) في شكل مجموعات من النساء اللاتي يقمن بمساعدة بعضهن البعض بالتناوب في هذه المهنة من "زريعة وطحين وكوجان وعواسة وتقسيم وبيع وتنظيم"، حيث يعود عليهن بمنفعة كبيرة وفائدة عظيمة تحقق أرباحاً كبيرةة.

 

أخبار ذات صلة