
تقرير :نهله خليفة
الخرطوم 6-5-2019م(سونا)-يجئ رمضان هذا العام استثنائيا لكونه الأول بعد 30 عام من حكم الانقاذ ويأتي في خضم ثورة شعبية اطاحت برأس النظام بسبب الغلاء الطاحن وارتفاع الاسعار وشح السيولة الذي مازال المواطنين يعانون تداعياته، فضلا عن الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة ،حيث أعلنت الأغلبية الساحقة من الدول العربية والإسلامية أن اليوم الاثنين هو أول أيام شهر رمضان عقب تحري الهلال أمس الأحد، في حين انفردت سلطنة عمان والمغرب وجزر القمر بالإعلان عن تعذر رؤية الهلال واكمال شهر شعبان أيامه الثلاثين، ليكون الثلاثاء أول أيام الصيام، وفي أحيان كثيرة تقع اختلافات قليلة بين الأقطار الإسلامية، حيث يتقدم بعضها على بعض أو يتأخر في بداية رمضان أو نهايته.
ومنذ قرون عديدة يفتح الأمر نقاشا بين المثقفين وأهل العلم من المسلمين، بين من يرى ضرورة توحيد رؤية الهلال ومن يرى أن لكل أهل بلد رؤيتهم الخاصة.
غير أن تلك الخلافات البسيطة لا تؤثر على جانب الوحدة التي تجمع المسلمين القادرين على الصيام وترغبهم في ممارسة الشعيرة التي تصعب على كثير من أبناء الديانات الأخرى.
وفي رمضان تتوحد المشاعر ويحس الموسرون والأغنياء بألم الجوع لساعات، وتتحرك النفوس المؤمنة نحو الإنفاق وتخفيف الوطأة على الجياع من أبناء المسلمين الذين قد يعانون من ظروف قاسية طوال السنة.
ومن القيم التي يتعلمها الصائمون في رمضان قيمة الانتصار على الذات وهزيمة الشهوات أمام سلطان جديد هو الاستجابة لنداء الدين وصوت الإيمان حيث يأخذ رمضان بعدا مقدسا آخر من ارتباطه بالقرآن الكريم وهكذا يتحول المسلمون إلى حلقات الذكر والتلاوة التي تربط السماء بالأرض وينتشر المرتلين في المساجد والبيوت والطرقات.
ولأن رمضان شهر القرآن فقد احتوى أيضا على شعيرة مهمة صلاة التراويح، إذ يتبارى الصائمون في اختيار القارئ الأندى صوتا والأجود قراءة ليصطفوا حوله وهم يستمعون القرآن تلاوة تذهب عن النفس الضيق والكدر، كما أن أئمة المساجد حريصون أيضا على اختيار المقرئين، حيث تنطلق الحناجر بالتلاوة العذبة والدعاء الصداح ويغسل المسلمون الهموم عبر جريان الدمع السخين عظة واعتبارا بآيات الذكر الحكيم وتذكر السيرة حيث خلد المسلمون كثيرا من أيامهم المشرقة في رمضان وفي شهر الصيام انتصر المسلمون بقيادة النبي صل الله عليه وسلم على جيش مشركي قريش في معركة بدر الخالدة أمّ معارك المسلمين وانتصاراتهم.
وفي رمضان أيضا فتح الرسول صل الله عليه وسلم مكة المكرمة وضرب أروع أمثلة العفو عن المهزوم الموغل في الجرائم كما شهد رمضان أيضا فتح الأندلس في القرن الأول الهجري ضمن فتوحات إسلامية مدت رقعة الخلافة الإسلامية ونشرت الديانة الإسلامية في أصقاع كثيرة من العالم .
ويحمل رمضان فكرة السلام ورؤية السلام من مطلع الفجر إلى غروب الشمس، وهكذا يضيف الإسلام مدة زمنية للسلام في عالم تجتاحه الحروب وتعصف به كوارث أحقاد البشر فيما بينهم .
ولأن رمضان شهر عظيم، فإن الأعمال فيه مضاعفة، من الحسنات أو الخطايا، ومن بوابة السلام في رمضان ينتقل المسلم إلى الأشهر الحرم وهي أشهر يحرم فيها كل ما ينغص من السلم البشري والطهر الإنساني والسعي من أجل سمو الروح .
ويأتي رمضان هذه العام 2019 بنكهة الدم والحصار في مناطق كثيرة من العالم الإسلامي، فمآذن الشام سكت العديد منها عن الصداح المقدس منذ زمان.
والحكواتي الذي سار في الدروب الدمشقية لقرون لم يعد يحكي غير أحاديث الدم وترانيم الجراح.
ورغم ذلك يبقى رمضان شهر أشواق المؤمنين وشهر قيم السلام والإصلاح والعدالة علي مستوى السودان يتمنى الجميع أن يكتمل توافق المجلس العسكري وقوى اعلان التغيير على مطلوبات الثوار لتحقيق الغاية التي جاءت من اجلها الثورة دولة مدنية يتحقق تحت ظلها شعار حرية ،، سلام،، وعدالة شعار يتوافق تماما مع تعاليم الاسلام السمحة.